في المعرض الدولي للأغذية بألمانيا .. «الحلال» بين أهم قطاعات معرض لـ 2009
يتمنى من يزور المعرض الدولي للأغذية (انوجا) في كولون لو أنه مزود بأكثر من معدة، كالجمل، كي يتمكن خلال ساعات من التمتع بكل ما لذ وطاب من المطابخ الممتدة بين تسمانيا (استراليا) وفالنسيا (إسبانيا).
فهناك العديد من مسابقات الطبخ، التي يشارك فيها طباخون عالميون، ومطاعم مفتوحة للزوار، إلى جانب الأجنحة التقليدية التي تشارك فيها 6522 شركة من 97 دولة هذا العام.
وكانت أسياخ الشاورمة (الدونر كباب) التركية تحتل قلب المعرض هذا العام بحكم اختيار تركيا كشريك أول للمعرض عام 2009.
وعدا عن الخراف المشوية «القوزي» في أجنحة «الأناضول» فقد اجتذبت الألبان التركية الكثير من الزوار في مناخات تثير الشهية بعد اختلاطها برائحة التوابل الهندية (في الجناح البريطاني) القريب والسولفاكي «الشاشليكي» اليوناني.
مع ذلك بقي المعرض التركي صغيرا قياسا بالمعرض الإيطالي (1033 عارضا) والصيني (404) والإسباني (393) والفرنسي (255)، ورغم أن معرض الأغذية مخصص للصحافيين والمختصين فقط، وعدم وجود أيام مفتوحة للزوار، فإن المنتظر أن يستقبل المعرض أكثر من 170 ألف زائر.
واعتبرت إدارة المعرض تراجع «الشهية» نحو الطعام البيولوجي من أهم نزعات هذا المعرض بعد أن حققت مدخولا ـ 4% هذا العام مقارنة بمدخولها +10% في معرض عام 2007، وما عاد إنتاج الأغذية البيولوجية، على المستوى العالمي، يزيد عن 3.5% من إجمالي إنتاج الأغذية.
وكانت إدارة المعرض قدرت عام 2007 في تقرير لها أن الطلب على الأغذية الطبيعية «البيو» في العالم تضاعف 13 مرة خلال العشرين سنة الماضية، وحققت شركات «البيو» في ألمانيا مداخيل تقدر بملياري يورو عام 2006.
وذكر جيرهاردت لابشينسكي، المتحدث باسم قطاع التغذية الألماني، أن تراجع الطلب على الأغذية البيولوجية يعني زيادة ثقة المواطن في جودة الأغذية المطروحة في السوق، كما أنه يعكس مدى اهتمام قطاع التغذية التقليدي ببلوغ مستوى السلع البيولوجية من ناحية النوعية والبيئية واستخدام الأسمدة الطبيعية.
وأكد المتحدث أن السعي وراء «الصحة واللياقة والرشاقة» لا يزال النزعة السائدة في المعرض الحالي.
من ناحية أخرى ما انفكت النزعة نحو الأغذية الجاهزة وشبه الجاهزة تتقدم وتتقدم معها طرق تحضير وحفظ الأغذية، فهناك نزوع واضح نحو المأكولات الخالية من الكولسترول، القليلة الدهن، والغنية بالفيتامينات والمواد الأولية، وما زال النزوع نحو المياه المعدنية، مشروبات الطاقة، المشروبات قليلة السكر من أبرز معالم المعرض هذا العام.
ودخل «الحلال» ضمن المصنفات العشرة التي يضعها المعرض على جدول أعماله ويقسم على أساسها قطاعات الأغذية.
وشارك 800 عارض هذا العام بعرض السلع «الحلال» وكان معظمهم من آسيا وأفريقيا، وذكر ذلك رئيس المعرض جيرالد بوزة في تقريره أمام الزوار ليلة الافتتاح الخاص للصحافيين والمختصين.
ويشكل «الحلال» اليوم 17% من مكونات مداخيل قطاع التغذية على المستوى العالمي، وبعد أن حقق قطاع اللحم الحلال 578 مليار يورو عام 2004 كمداخيل، ينتظر أن يقفز الرقم إلى 641 مليار مع نهاية عام 2010.
ولا يزال الذبح على الطريقة الإسلامية محظورا في ألمانيا، رغم وجود 4 ملايين مسلم، وذلك بسبب الموقف المتشدد لمنظمات الرفق بالحيوان.
ورغم العرض الشيق للأتراك، والراقصات الشرقيات، فقد سرق الألمان فكرة الدونر كباب التركي والجيروس اليوناني من أصحابه.
وقدمت شركة «تيلمانز فلايش» الألمانية وجبات (سندويتشات) جاهزة من الدونر والجيروس بعلب كارتونية، وهي جاهزة للأكل بعد تسخينها لعدة دقائق في الميكروويف.
وبعد أن كان الإسبان عام 2007 قد سرقوا الزعتر من أصحابه العرب، وقدموه بزجاجات أنيقة مهروسا مع الزيتون، الأخضر أو الأسود، وزيت الزيتون، سرق الألمان هذا العام وجبة الكسكس من بلدان الشمال الأفريقي.
وعرضت شركة «نيهر ـ انجل» الألمانية (القاعة 10) وجبات كسكس بالدجاج أو الضأن مع الخضار كوجبات جاهزة مجمدة أو معلبة.
علما أن شركة «أرغان دي اور» الألمانية روجت في أنوغا 2007 فكرة استخدام زيت الأرغان المغربي في الطبخ من المغاربة.
وتفوقت الشركة على المغاربة بطريقة تحضير الزيت من بذور الأرغان دون استخدام العصارات التي تقلل من المواد المفيدة في الزيت.
وذكر رودولف بريزنيك، من شركة «أرغان دي أور» أن الزيت صالح للاستخدام في كافة أنواع الطبخ وأنه عالي الفائدة من ناحية الفيتامينات.
ومعروف أن أشجار الأرغان تنمو على جبال الأطلس ويقوم السكان المحليون بتحضير الزيت بطرق منزلية تقليدية.
ونال «الاختراعان»، أي الكسكس والدونر كباب، جائزة المعرض للابتكار، إلى جانب عصير عشب الراوند الصحي (من راوخ الألمانية) ومشروب كولا المتبل، الذي اعتبر «أحر» كولا في العالم، من ريد بل.
وفي الآلات جلبت شركة «بريمييرا» الفرنسية الأنظار بجهاز طباعة يدوي لطبع أغلفة المعلبات، والجهاز سهل وأنيق وقادر على مزج 16.7 مليون درجة لونية حسب مصادر الشركة.
إلا أن جائزة الاختراع ذهبت إلى شركة «شلايشر وايرول» الألمانية (قاعة 9) التي عرضت جهازا يحتوي على أكثر من 40 نوعا من المشروبات والعصائر ويقدم، حسب الطلب، وحسب النسب التي يضعها الشاري، مختلف أنواع الكوكتيلات.
والجهاز يحتوي بالطبع على كومبيوتر يتولى قياس النسب وخلط الكميات المطلوبة خلال ثوان ليقدمها في كأس ورقي.
وأطلقت الشركة على الجهاز اسم «ذي كيوب» وسيكون جاهزا للسوق خلال فترة قصيرة، وعرضت بعض الشركات علبا كارتونية لشرائح البطاطا (التشبس) تحتوى على المايونيز أو صلصة الطماطم «الكتشب» في غطائها الكبير.
عدا عن ذلك فقد حفلت القاعات بما هو جديد إلا أن ما يستحق الاهتمام، حسب رأي بيتر جروتيوس، من لجنة المعرض، قليل.
ويظهر من تجربة المعارض السابقة أن 70% من «الجديد» لم ينجح في اختراق السوق ودخول مجال الاستهلاك الواسع.
فهناك البوظة بالثوم، وزيت بذور القنب والملح المستخرج من صحراء كالاهاري في جنوب أفريقيا.
مع ذلك هناك أنواع جديدة من الأكلات والمشروبات التي ينتظر أن تشق طريقها إلى أفواه المستهلكين قريبا.
بينها البوظة المكورة في كريات صغيرة، وهي كريات مختلفة الطعم والألوان، وتحول صحن البوظة إلى ما يشبه خلطة السلطة.
والبوظة من شركةGet Silly Ice cream الأميركية المختصة بالأيس كريم.
وهناك قطع الأناناس على العود من شركة «ديل مونت» الأميركية، وعلب الماء الشفافة التي تجمع بين زجاجات البلاستيك التقليدية وشكل العلب الاسطوانية من OKF كوربوريشن.
هذا إضافة إلى الشوربة البيضاء White Gaypacho في الزجاجة من «كونغرس فيرير» الأفريقية الجنوبية، وهي عصيدة بودرة الخضار المنوعة مع اللوز والثوم والخل الأبيض وزيت الزيتون.
ثم هناك نقانق السمك، لأول مرة، التي ستضاف إلى أكثر من 150 نوعا من النقانق في ألمانيا.
وعرضت إحدى الشركات الإيطالية صحون سباغيتي جاهزة ومصنوعة من مادة ورقية خاصة قابلة للتدوير ولا تحترق في الميكروويف.
وعموما كانت السلع المعروضة في أنوغا 2009 حافلة بكلمات «قليل» و«واطئ» و«خالٍ» وهي إحدى النزعات الأساسية في المعرض. وهي كلمات تشير دائما إلى «خالٍ من السكر» أو «خالٍ من الكولسترول» أو «قليل الدسم» أو «قليل اللاكتوز» و«واطئ الغلوتامات».
وأجرى معهد رولاند بيرغر للاستشارات الاستراتيجية دراسة شملت 20 ألف ألماني، بتكليف من إدارة المظهر، تكشف وجود خمسة أنواع من مستهلكي الأغذية.
الأول لا يحفل إلا بنفسه ومتعته ولا يهمه ذوق الآخرين، الثاني يبحث عن الغذاء الصحي، الثالث ناقد للطعام ويطالب دائما بتحسينه، الرابع يبحث عن الغذاء الطبيعي، والخامس يريد إنقاذ العالم ويهتم بذائقة الآخرين وصحتهم.
ولم يبدد متعة التلذذ بمختلف الأغذية والشيكولاته والمشروبات المطروحة غير الإعلانات الأنيقة التي تحذر من إنفلونزا المكسيك، إذ اتخذ المعرض هذا العام جملة إجراءات لمواجهة احتمالات تفشي إنفلونزا الخنازير بين هذا الحشد الهائل من الأغذية والصحافيين والعارضين والزوار.
ومن بين الإجراءات المتخذة: وضع المواد المعقمة لليدين قرب باب كل قاعة، بوسترات تحتوي على تعليمات ومعلومات حول المرض، طاولات معلومات يديرها مختصو الصليب الأحمر، وغرف خاصة (كارانتينة) لعزل المصابين وتقديم المساعدات الأولية لهم.